مقالة حول الاحساس والادراك:الى أي مدى يمكن الفصل بين الاحساس والادراك
طرح الاشكال:
ان كان الإحساس هو عملية نفسية فيزيولوجية ترتبط في أساسها على جملة من
الحواس ( البصر السمع الذوق الشم اللمس) وهذه الحواس تنقل إلينا صور مجردة من أي
معنى ولكن بعد وصولها إلى الذهن عن طريق الأعصاب الواردة تتم عملية تأويل جميع تلك
الصور وذلك بتحليلها وفهمها عن طريق العقل ومن خلال هذا التحليل نستنتج إننا نعتمد
على الحواس للاتصال بالعالم الخارجي فنطلق عليها بالإحساس ومن جهة نحكم على الأشياء
بناء على رد فعل ونطلق عليها بالإدراك وقد أثير جدلا حول العلاقة بين الإحساس والإدراك
ومنه: هل يمكن التمييز بين الإحساس والإدراك؟
محاولة طرح المشكلة :
الطرح الأول:
ترى الأطروحة الأولى والتي يمثلها التيار العقلي بزعامة ديكارت إن الإدراك
عملية تعرف على مثيرات الحسية مم تجعله مختلفا ومتميزا عن الإحساس فالإنسان في
العملية الإدراكية يبدأ بالاستجابة لمثيرات في شكل تنبيهات حسية لا تلبث ان تتحول
الى مدركات يتعرف عليها بالصوـــرة عقلية لذلك فصلو بين الاحساس والادراك فالاحساس مجرد
انطباع حسي لمثيرات حسية تنقلها الحواس فى
شكل استجابة نفسية بسيطة بينما الادراك عملية تاويل الاحساس عقليا فيي الصـــورة تنفرد
بها على يستند الى عوامل ذاتية موضوعية
"حين يقول الان " (ان الاطفال لايدركون الاشياء بقدر ما يحسونها )
النقد
لكن فى الواقع لا يمكننا الفصل بين الاحساس والادراك عمليا ذلك ان الاحساس يعد مادة الادراك واحساسه
لان الحواس هي التى تنقل المثيرات التى يعمل الكائن على تاويلها عقليا
الطرح الثانى :
ترى النظرية الجشطالتية انه لا يمكن الفصل بين الإحساس والإدراك مادام
الادراك هو ادراك ذات الموضوع فى الصـــورة كلية فالادراك هو الحقيقة هو ادراك لمجموعة
احساسات ذات صور وبنيات متمايزة فلا يمكن ادراك الاحمرار كلون في افق ولن يمكن
ادراك الاشياء الحمراء . كما انه لا يمكن ان تدرك مكونات الشجرة ( الفروع الاغصان
الاوراق) بقدر ما تدرك الشجرة ككل فالادراك عند الجشتالت هو عملية مركبة تخضع لشيء
المدرك ذاته وفق قوانين موضوعية مما تجعل من الاحساس يتداخل مع الادراك
النقد:
لكن ومهما تكن طبيعة الادراك فانه ادراك لمجموعة إحساسات تتقدمه وتكون
سابقة عليه زمنيا
حل المشكلة:
ان الدراسات الحديثة في علم النفس في العلوم بصفة عامة اثبتت استحالة الفصل
بين عملية الاحساس والادراك ، فالفصل بينهما فصلا نظريا ناشئ عن التفسيرات
المذهبية او مقتضيات ذاتية فقط ، اما من الناحية العملية فلا يمكن ان نتحدث عن ذلك
الفصل.
مقالة حول الإحساس والإدراك:هل يخضع الادراك لفاعلية الذات؟
طرح المشكلة:
الإدراك وظيفة نفسية تعطي لإحساسات دلالتها التي من خلالها ندرك الأشياء
وموضوعات ونعقلها ونعطيها المعنى المناسب بحسب الخبرات ، غير أن إدراكنا لهذه
الأشياء يستند إلى خصائص التي تميزه وشروط
يجب مراعاتها نظرا لأهميتها ولتأثيراتها الواسعة على مستوى عملية الإدراكية وهنا
أثير جدلا حول انساب عملية الإدراك: فهل
يتوقف الإدراك على فاعلية الذات أو فاعلية الموضوع؟
محاولة حل المشكل:
الطرح الأول:
ترى الأطروحة الأولى والتي يمثلها التيار العقلي أن الإدراك يعود إلى
فاعلية الذات فالناس يختلفون من حيث تكوينهم العقلي والحركي والكل يدرك حسب ميوله
ودوافعه .
فالإنسان يدرك حسب خبرته وحسب توقعه وكذلك حسب حالته الانفعالية والمزاجية
فهو يرى الأشياء جميلة وقت الفرح والعكس كما للمكبوتات دور في إدراكنا "فقد
ننكر عيوبنا" بالإضافة إلى الاهتمام والتركيز وسلامة الحواس والدماغ فالتلميذ
الذي يدخل الامتحان مضطربا يكون إدراكه اقل فاعلية من الذي تكون حالته الانفعالية
مستقرة ومنه فان العقل هو الذي يتحكم في إدراك الصيغ أي الذات لا خصائص الموضوع
المدرك.
النقد:لكن لا تكفي العوامل الذاتية لوحدها فالعقل وحده لا يؤدي إلى الإدراك
إذا كان الشيء المدرك معاق بعوائق خارجية.
الطرح الثاني :
ترى هذه الاطروحة وهي النظرية الجشطالتية التي يمثلها كوفكا وكوهلر وبول
غيوم ان عملية الادراك تعود الى فاعلية الموضوع المدرك وليس الى فاعلية الذات.
فالإدراك يفرضه الموضوع المدرك من
خلال جملة من القوانين الموضوعية فعملية ادراك المكان تخضع لنظام الكل او البنية
او النسق وليس الجزء فالجزء لا معنى له الا في نطاق الكل وحتى ان تغير الجزء فندخل في كل اخر ، فطبيعة الشيء المدرك هي التي
تحدد طبيعة ادراكنا حيث بين كل من كوهلر وفرتمير ان الحقيقة الرئيسية في المدرك
الحسي ليس العناصر او الاجزاء التي يتالف منها الشيء المدرك ، بل شكله وبناءه
العام.
النقد:
ان العوامل الموضوعية لوحدها في الحقيقة الامر لا تكفي لان للانسان
اهتمامات وميول كثيرا ما تؤثر في عملياته النفسية كالادراك
حل المشكلة:
تتاثر عملية الادراك بعوامل كثيرة منها ما يرتبط بطبيعة الشخص المدرك ومنها
ما يرتبط بطبيعة الشيء المدرك .ولن يتم الادراك الا من خلال تحالف فاعلية الذات مع
فاعلية الموضوع
هل الادراك معطى حسي ام عقلي
طرح المشكلة:
لو اقتصر موقفنا الخارجي عند هذا الحد من الحس للشعور الخام ، لم يكن
نصيبنا من هذا العالم إلا مجموعة منظمة متداخلة متزاحمة من إحساسات مبهمة : بصرية وسمعية
وجلدية وشمية وغيرها ولما استطعنا أن نكيف أنفسنا للبيئة التي نعيش فيها .ولهذا
زود الإنسان بعملية ثانية أكثر تعقيدا وهي عملية الإدراك ، التي من خلالها ندرك الأشياء
ونعقلها ونعطيها المعنى المناسب. وقد أثار موضوع الإدراك اهتماما وجدلا بين
العلماء الفلاسفة خاصة بين تيار العقلي والتيار الحسي فهل الإدراك معطى حسي أم
عقلي؟
الطرح الأول:
ترى الأطروحة الأولى التي هي التيار العقلي التي يمثلها ديكارت والان أن الإدراك معطى عقلي حيث أن العقل يلعب
دورا كبيرا في عمليات الإدراك فلا نستطيع أن نتحدث عن الإدراك دون التحدث عن دور
العقل .
يرى ديكارت أن الإدراك عملية فطرية وعقلية
فهو يقول في ذلك" أن الطفل يولد مزود ببعض الأفكار فطرية من بينها فكرة إدراك
المكان" ويقول أيضا " عندما انظر من النافذة أرى معاطف وقبعات واحكم رغم
ذلك أنهم أشخاص" فالإدراك ليس مجموعة من الأحاسيس بل هو نشاط مربوط بالعقل
وتدخل في عملياته الكثير من العمليات النفسية كالتخيل والذكاء والذاكرة والتأويل
والحكم والتمثيل ومن ذلك يقول الان " الشيء
يدرك ولا يحس" أي أننا ندرك الأشياء ونتعرف عليها وذلك بفضل العقل
النقد:
لكن العقل عاجز عن معرفة الشيء إلا إذا قدمت له الحواس المادة اولية .
الطرح الثاني:
ترى الأطروحة الثانية التي هي التيار
الحسي ويمثلها جون لوك ودفيد هيوم أن عملية الإدراك عملية حسية تجريبية
فالحواس هي الأداة اتصال بالعالم الخارجي فتنقل المعطى إلى الذهن والإدراك يبنى
على أساس الخبرة .
فالحسيين يرون إن كل معارفنا الإدراكية لا تبنى إلا من خلال الإحساس
والتجربة الخارجية وما العقل إلا نتيجة من نتائج التجربة يقول جون لوك:" أن
العقل يولد صفحة بيضاء تكتب عليها التجربة ما تشاء" وفي ذلك يقول كون دياك
" لا يوجد في العقل لم يمر بالحواس" .
النقد:
لكن الحواس تنقل المعطى الحسي الخام والسطحي دون تأويل وتجريد فهي تحتاج إلى
العقل ليتعرف عليها فلا يمكن إدراك بدون عقل.
حل المشكلة:
رغم ما تحمله الحواس من اخطاء وما تتسبب فيه من خداع الا انه المادة
الاساسية للادراك وهي في حاجة الى تدخل العقلي في اصدار الاحكام الصحيحة فالإدراك
عملية حسية وعقلية في ان واحد لا يمكن الفصل بينهما
مقالة حول الإبداع: هل الإبداع يخضع لشروط ذاتية أم موضوعية
"اجتماعية"؟
طرح المشكلة:
يقوم الإنسان بانجازات مختلفة علمية وفلسفية وأدبية مما يمكننا القول بأنها
إبداع واختراعات قائمة فيما يعرف بالتخيل الإبداعي.
إذا كان الإبداع صور لما يعيشها الإنسان فان الاختلاف الحاصل حول الشروط
التي تقف وراء هذه العملية : فهل يخضع الإبداع لشروط ذاتية أم موضوعية؟
محاولة حل المشكلة:
الطرح الأول: ترى الأطروحة الأولى التي يمثلها التيار الذاتي
بزعامة برغسون لوري كاري حيث يرون ان الإبداع
ظاهرة فردية تخضع شروط ذاتية.
الفرد المبدع يتميز بخصائص بيولوجية ونفسية "عقلية وعاطفية"
تمكنه من تجاوز ما يعجز عنه الآخرون "قوة الملاحظة –الذكاء الحاد- قوة
الذاكرة- شدة الانتباه –القدرة على التحليل والتركيب " بالإضافة إلى الحماس
والقلق والإرادة ومعاناة الفكرية ونفسية وفي ذلك يقول ريبو
" إن الإبداع يرتبط بعناصر وجدانية " سارتل:
"إن الإنسان يبدع عندما يعيش حالة آلام"
ويربط فرويد بين الإبداع والرغبات المكبوتة
يقول برغسون " أن تحرير القدرات الإبداعية
مرتبطة بشدة الحماس والرغبة في تحقيق الأفكار"
النقد:
لكن مهما كانت القدرات النفسية التي يتوفر عليها المبدعين فإنهم لا يستطعون
تحقيق ابدعاتهم ما لم يتوفر لهم شروط اجتماعية ملائمة.
الطرح الثاني:
وفي ذلك نقيض الأطروحة التي يمثلها التيار الاجتماعي بزعامة دور كايم - بيكارم –هالفكس.
يرون أن الإبداع يرتبط بالعوامل الاجتماعية أي يخضع لشروط موضوعية فانه
يتصل بالوقع والممارسة الاجتماعية.
فالمبدع يستمد مادة إبداعه من المجتمع الذي يعيش فيه والحاجة الاجتماعية
تعتبر مشكلة تتطلب حلا وهو ما يستفز المبدع ويدفعه إلى التفكير والبحث عن الحل : باسكال" الحاجة أم الاختراع" وفي ذلك يقول دور
كايم "إلى أن الإبداع مهما تعددت مجلات تتحكم فيه شروط اجتماعية".
فالمسائل التي يريد المخترع معالجتها لا تتولد في الوسط اجتماعي بدرجة معينة من
التطور الاقتصادي وفني والفلسفي كهجرة الدمغة إلى الدول المصنعة حيث وفرت
الإمكانيات المادية والمشجعات والحوافز وفي ذلك يقول بيكار"لا
يوجد إبداع بدون علم أو مدرسة ولا يوجد إبداع من عدم"
النقد:
التاريخ يثبت أن المجتمع لا يدرك دائما الابدعات الفردية فكثيرا ما يقابلها
بالرفض والإنكار لأنها تخالف المعتقدات
حل المشكلة :
الإبداع يخضع إلى شروط ذاتية واجتماعية معا فالإبداع هو تجسيد لما يعيشه الإنسان
نفسيا من معاني وصور وفي نفس الوقت يرتبط بما يحقق المجتمع ثقافيا وعلميا.
إذن فالإبداع ليس مجرد الهام مفاجئ يحظى به بعض الإفراد في المجتمع بل هو
ظاهرة فردية تضرب في أعماق جذورها الحياة الاجتماعية التي تعد المبدع بمادة
إبداعه